
يُعد البيع على المكشوف، والمعروف أيضاً بالبيع القصير أو اتخاذ مركز قصير، استراتيجية استثمارية جوهرية في الأسواق المالية تتيح للمتداولين تحقيق الربح عند انخفاض أسعار الأصول. تعتمد هذه الاستراتيجية على بيع أصل بهدف إعادة شرائه لاحقاً بسعر أقل، ما يحقق للمستثمر أرباحاً من الفرق الإيجابي.
غالباً ما تُنفذ هذه الاستراتيجية باستخدام أموال مقترضة، حيث يُلزم المتداولون بإيداع هامش أولي كضمان، والحفاظ على هامش صيانة كافٍ، ودفع فوائد دورية للمُقرض. يلجأ كل من المتداولين المحترفين والمستثمرين الأفراد إلى البيع على المكشوف للمضاربة على اتجاهات السوق الهابطة أو لتحوط محافظهم الاستثمارية ضد خسائر محتملة في ممتلكات أخرى.
من الضروري الانتباه إلى أن البيع على المكشوف ينطوي على مخاطر كبيرة، من بينها احتمال تكبد خسائر غير محدودة إذا ارتفعت الأسعار بدلاً من انخفاضها، وخطر التصفية القسرية، وإمكانية حدوث ضغط البيع القصير عندما يُضطر العديد من البائعين على المكشوف لإغلاق مراكزهم في الوقت نفسه، إضافة إلى تكاليف إضافية مثل رسوم الإقراض والفوائد.
توفر الأسواق المالية مجموعة واسعة من الاستراتيجيات التي يستخدمها المستثمرون لتحقيق العوائد. يركز بعض المتداولين على التحليل الفني، عبر دراسة أنماط الأسعار وأحجام التداول، بينما يفضل آخرون التحليل الأساسي لتقييم القيمة الجوهرية للشركات والمشاريع واتخاذ قرارات استثمارية دقيقة.
تتمثل الاستراتيجية التقليدية في شراء الأصول بسعر منخفض وبيعها لاحقاً بسعر أعلى لتحقيق الربح من الفرق. وتعمل هذه الطريقة بكفاءة في الأسواق الصاعدة التي تتخذ الأسعار فيها منحى تصاعدياً مستمراً.
لكن الأسواق تمر بدورات وقد تشهد فترات طويلة من التراجع تُعرف بالأسواق الهابطة، حيث تتراجع أسعار الأصول بشكل متواصل. في هذه الحالات، يصبح نهج الشراء والاحتفاظ غير فعال بل وقد يؤدي إلى خسائر كبيرة.
وهنا تبرز أهمية البيع على المكشوف، إذ يتيح للمتداولين الاستفادة من الاتجاهات السوقية الهابطة. فضلاً عن تحقيق الأرباح من انخفاض الأسعار، تُمثل المراكز القصيرة أداة فعّالة لإدارة المخاطر، إذ تمنح المستثمرين القدرة على تحوط الأصول القائمة ضد تقلبات الأسعار السلبية.
يرجع تاريخ البيع على المكشوف إلى سوق الأسهم الهولندية في القرن السابع عشر، ويُعد من أقدم الاستراتيجيات الاستثمارية. ازدادت أهميته بشكل خاص خلال الأحداث الكبرى مثل أزمة 2008 المالية، حيث كان له دور مثير للجدل، وضغط البيع القصير الشهير لسهم GameStop في عام 2021، عندما دفع مستثمرون أفراد منسقون أسعار الأسهم للارتفاع، مما تسبب في خسائر ضخمة للبائعين على المكشوف من المؤسسات.
البيع على المكشوف هو استراتيجية استثمارية تعتمد على بيع أصل مالي لا يملكه المتداول، مع توقع انخفاض سعره مستقبلاً. يُصنف المتداولون الذين يتخذون مراكز قصيرة على أنهم "متشائمون" لأنهم يتوقعون انخفاض قيمة الأصل.
لفهم البيع على المكشوف بشكل كامل، يجب معرفة كيف يختلف عن استراتيجية الشراء والاحتفاظ التقليدية. في مركز البيع القصير، يقترض المستثمر الأصل من وسيط أو منصة تداول، يبيعه فوراً بسعر السوق الحالي، ثم يهدف إلى إعادة شرائه لاحقاً بسعر أقل. بعد شراء الأصل مرة أخرى، يعيده إلى المُقرض ويحتفظ بالفرق كربح.
يمكن تطبيق البيع على المكشوف في أسواق مالية متعددة، بما في ذلك الأسهم والعملات المشفرة والسلع والعملات والمشتقات المالية. في قطاع العملات المشفرة، تقدم العديد من منصات التداول للمستخدمين إمكانية فتح مراكز قصيرة للمضاربة على انخفاض الأسعار في Bitcoin وEthereum وغيرها من الأصول الرقمية.
تختلف هذه الاستراتيجية جذرياً عن نهج الشراء والاحتفاظ التقليدي وتُعد أداة أساسية للمتداولين الساعين للربح في كافة أوضاع السوق.
في سوق العملات المشفرة، يُعد البيع على المكشوف استراتيجية استثمارية يراهن فيها المتداول على انخفاض سعر أصل معين. يُتيح هذا النهج للمتداولين تحقيق الأرباح في الأسواق الهابطة باستخدام المراكز ذات الرافعة المالية أو المشتقات.
يُستخدم البيع على المكشوف في العملات المشفرة للمضاربة على انخفاض الأسعار، حيث يتيح للمتداولين تحقيق الأرباح عندما يفقد الأصل قيمته، ويُوفر وسيلة للتحوط وتنويع الاستراتيجيات خلال الأسواق الهابطة.











